لآ تدعي الشجاعة وأنت خارج ساحة المعركة
ولا تجازف في حرب تعلنها ولا تعلم من تحارب .
ولا تعتمد عدتك وأنت جاهل عدة من تحارب .

مرة قصد أحد الثعالب راعي غنم فسأله أن يلعب قليلاً مع غنمه ،فتعجب الراعي منه وعلت ضحكات الراعي المكان من كلام الثعلب فقال له الراعي : أحقا ترغب في اللعب مع غنمي ؟ أجاب الثعلب الماكر :. أي نعم أريد أن ألعب معها , فقال الراعي للثعلب :
كن حذراً إذن وأنت تلعب مع الغنم فأنا لآ أخشى على غنمي ،و إنما أخشى عليك ألا تجيد اللعب معها ،
فوقف الثعلب مستغربا ويسأل نفسه :
إلى ما يرمي راعي الغنم ؟
فقال للراعي هل تأذن لي إذن ؟ فأشار الراعي بعصاه أن أمضي إلى الغنم لتلعب معها .
فمضى الثعلب الماكر إلى قطيع الغنم قائلا لهم : السلام عليكم . فرد القطيع بأدب وحسن تحية :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وإجتمعت حول الثعلب الماكر قائلة : ما الذي جاء بك إلى هنآ ؟ أما خشيت على نفسك من صاحب الراعي ؟ فإندهش الثعلب من كلام القطيع وسأل نفسه : لم قال الراعي لي أول الأمر : كن حذراً فأنا لآ أخشى على غنمي وإنما أخشى عليك ، فأنا من جهة الراعي مطمئن إذ أذن لي باللعب ، لكن من صاحب الراعي الذي ذكرته الغنم ؟ أيكون الكلب ؟ لكني ما رأيت كلبا لا مع الراعي ولا مع الغنم ولا سمعت نباحا !!! فتقدم كبير الغنم من الثعلب سائلا : ما بالك مشغول البال ؟ وكأن الثعلب نشط من عقال وقال : لآ لآ لآ كنت أفكر كيف تكون اللعبة مع القطيع ؟ فقال له : العب كيفما يحلو لك ، فنادى كبير الغنم القطيع أن أقبلوا وانظروا الثعلب الذي ما رأينا مثله في الغابة يرغب اللعب معكم .
فاجتمع القطيع حول الثعلب الماكر وقال لهم :
أنتم أهلي وأحبابي وإخواني ولا أحسبكم غير ذلك فثقوا بي وأرجو أن أكون محل ثقتكم بي ، فقال القطيع : كلنا ثقة فيك بما أنك خبير في اللعب وما عهدنا هذآ في الثعالب، وكلامك عسل يؤثر بشكل سريع حتى في أرباب العقول ، وتبدو خلوقا وعلى تربية حسنة مما جعلتنا منبهرين فيك .فقال الثعلب الماكر : أشكركم من قلبي ،فانتم نعم القطيع فهيا بنا نلعب ،واللعبة بمراحل أولها نزهة في المكان ،وبعدها الجري والقفز ، فضحك القطيع وقال : فكرة مبهرة إذن هيا نلقي نظرة على المحيط .
لكن الثعلب الماكر كل همه صاحب الراعي ،فصحب القطيع في نزهة وبعدها بدأ الجري من هنآ إلى هناك والقفز مثله والكل فرح بهذا الثعلب الغريب لعبه ، لكن الثعلب عينه على صغير حديث ولادة يجري دون أمه فتحايل على القطيع وبدأ يلاعب الصغير ويعزله رويدا رويدا حتى عزله فانقض على رقبته وما إن فعل شعر بمخالب على ظهره ترفعه فإذا به ? نسر قوي عظيم البنية فعلا صراخ الثعلب وإجتمع القطيع حول الثعلب وهو معلق بمخالب النسر وقالت : المكر والخذاع طبعك ووضعنا ثقتنا فيك كما طلبت منا ، فأين أنتم أهلي وأحبابي وإخواني ؟ أما قلنا لك : أما خشيت من صاحب الراعي ؟ وهم كذلك إذ حضر الراعي والثعلب يصرخ من ألم مخالب النسر وقال له : أما قلت لك إني أخشى عليك لآ على غنمي ؟ أما حذرتك وكنت لك ناصحا ؟ فقال الثعلب الماكر : أفلتني من مخالب النسر وأكون حارسا لقطيعك ، فضحك الراعي وضحك القطيع وقال له الراعي : كيف تكون حارسا وطبعك الغدر والمكر والخيانة ؟ فلا كنت مؤتمنا على نفسك فكيف تكون أمينا على قطيعي ؟ أما صادفت يوماً أيها الماكر حيوانا يشبهك يقال له الكلب ؟ والثعلب يصرخ وقال : بلى ، فقال الراعي : حبذا لو تعلمت منه الوفاء .
والآن لآ أجد جزاء لك إلا هذآ النسر فيتولى أمرك وأشار إلى النسر قائلا : لآ تقتله الآن حتى تطوف به الغابة فينظر كل من في الغابة من ثعالب كيف يكون جزاء خائن غادر ماكر ؟
وعاد القطيع إلى مرعاه والراعي ينشد بيت قصيد

لآ وفاء لخل أورثته ثقتي
ولا أمان لمن طبعه المكر .