2 سنوات - ترجم

مارس 2020

حضرت قبل فترة أنمي "Attack On Titans " الفكرة المركزية هي إنحسار البشر داخل أسوار ضخمة للاحتماء من كائنات بأجساد عملاقة علي هيئة قريبة من هيئة البشر .. هولاء العمالقة لا يفكرون بل تحركهم غرائزهم البدائية لالتهام البشر .. أجسادهم لا تحتاج الطعام و لا الشراب و مع ذلك يأكلون البشر لسبب مجهول ..

لاحقآ يكتشف البشر أن هنالك بعض بني جلدتهم لديهم القدرة علي التحول الي عملاقة .. بل أن بعض البشر و عبر التخاطر الذهني أو الصراخ يستطيعون توجيه العملاقة ..

المهم .. تحيط مستعمرة البشر أسوار ضخمة علي ثلاثة طبقات .. و هي ماري .. روز .. سينا ..

و كذلك لرجال الكنيسة دور مركزي في ضبط السلوك العام داخل الاسوار عبر أحياء أنماط بعينها من التدين ..

في حلقات متقدمة من المسلسل يلاحظ البشر أن إختراق سورين تسبب فيه بشر متخفين من داخل الأسراب التي يجب أن تحمي الأسوار .. لأنهم و ببساطة بشر قادرون علي التحول الي عملاقة ..

أتفحص هذه القصة المثيرة و الفريدة .. و أبحث عن سر ألهام صاحبها المولود في تاريخ ميلادي ذاته ٢٩ أغسطس .. في الحقيقة أنا مولع بالربط و التحليل .. بتتبع الأفكار الى ميلادها ..

سقوط القسطنطينة في يد محمد الفاتح كانت ضربة مركزية للوعي الغربي الكنسي .. كانت فرق البابوية تجوب أوربا لأستجداء الدعم لحملة أنقاذ "كوستنتينو " المحاصرة .. منارة المسيحية في الشرق ..

لم يكن هجوم محمد الفاتح السلطان العثماني على القسطنطينية هو الأول .. القسطنطينية ظلت مدينة مركزية أيضآ في وعي بني عثمان .. لأرتباطها بالنبؤة و البشرى المحمدية .. "لتفتحن القسطنطينية .. فلنعم الجيش جيشها .. و لنعم الأمير أميرها .. " .. لك أن تتخيل رأسمال الرمزي و المشروعية الدينية و السياسية التي يمكن الحصول عليها بالاستيلاء على القسطنطينية ، الي جانب الموقع الأستراتيجي للمدينة لرجل يطمع في غزو أوربا و اطلاق أكبر أمبراطورية ستعرفها العصور المتأخرة ..

كان للقسطنطينية ثلاثة أسوار علي نفس الطريقة التي ظهرت في الأنمي .. و سقطت عبر هجوم المدفع الضخم الذي شيده محمد الفاتح .. سقوط قذائف هذا المدفع علي الأسوار يشبه الي حد كبير ذلك المشهد الذي يقوم فيه العملاق القرد بقذف كرات الحجر الضخمة بقوة و بدقة لتبدأ في هد السور الضخم ..

سقطت القسطنطينية بأتفاق سري بين بعض التجار و قادة محمد الفاتح الذين سمحوا للسفن العثمانية الصغير بالألتفاف علي سلسلة القسطنطينية التي لطالما هزمت أعرق الأساطيل .. لذا فأن رمزية العملاقة من الداخل تماثل الي حد بعيد ما حدث داخل الأسوار ..

الأفكار لا تأتي من العدم .. بالنسبة لي الأبداع لا يعني أختلاق الأفكار .. و لكن أعادة تدويرها و ترتيب شخصياتها برموز مختلفة لانتاج خلق جديد .. و رغم أن الكاتب كان يابانيآ تمامآ الا أن هذه القصة العبقرية تماثل في رمزياتها ملحمة القسطنطينية .. بقى أن أقول أن الرسومات التي علي الأسوار تماثل الرسومات التي زينت أسوار القسطنطينية ..و كذلك أسم السور "ماري" مرتبط بحكاوي عن نور أزرق خرج من كنيسة آنا صوفيا .. يقال يومها أن العذراء "ماري" غادرت المدينة فسقطت .. و للقصة أصل راسخ في أساطير أيام القسطنطينة الأخيرة لدي حكامها و أهلها ..